كتب / علاء الخطيب
لا أحد كان يعتقد ان النار التي كانت تغلي في قلوب شباب التحرير و الحبوبي وباقيساحات التظاهر في المحافظات الوسطى والجنوبية هي ذاتها التي كانت تغلي فيصدور شباب كردستان الاحرار في سليمانية وحلبچة وچمچمال وغيرها ، كثير منا كانيظن ان الجسد العراقي موزع بين القوميات والطوائف ، وان لعبة خديعة المكوناتستستمر طويلاً ، لكن الواقع كان يقول أن عوامل الوجع واحده وان الداء هو ذات الداء .
الظلم والجوع والحرمان والبحث عن وطن يضمن كرامة ابنائه ، هي الاسباب التيوحدَّت الناصرية والسليمانية، وجعلت الشباب يخرجون الى الشوارع رافضين انيكونوا شياطين خُرس، ساكتين عن حقوقهم.
ظن السياسيون الفاسدون المحروسون ببنادق العبيد ، ان الرصاص سيسكت الجياعويخيفهم ، لكنهم فوجئوا باصرار واندفاع الشباب نحو التغيير والخلاص .
عرب الجنوب واكراد الشمال اختلفوا بالقومية ، لكن قاسمهم المشترك كان الوطن ومحاربةالفاسدين ورفض الظلم .
حقيقة واحدة من بين كل الحقائق كانت هي الاقوى والاكثر وضوحاً هي ان الحقسينتصر في النهاية رغم القمع والترهيب التي تمارسه السلطات .
في لحظة واحدة كسر الشباب حاجز الخوف وواجهوا الرصاص من اجل الكرامة .
لقد تمكنت اربيل من شراء ذمم وضمائر كثير من الكتاب والصحفيين والمطبلين ودفعتالملايين من الدولارات لتزييف الحقيقة ، مؤسسات واسماء معروفة كانت تخفي الحقيقةوتتستر عن الظلم وصمتت ، ربما كانت لا ترى المشهد الا من خلال نوافذ الشيراتون اوفندق جيهان لكنها اليوم بقيت صامتة صمت القبور عما يجري في السليمانية .
البعض كان ينظر الى الاقليم من الخارج ، ينظر الى الاعمار والامن والخدمات التيتمتع بها ، لكن الحقيقة الضائعة التي لم يدركها هؤلاء الذين كانوا يحضرونالمهرجانات ويسكنون في الفنادق الراقية ، ان هناك جياع خلف هذه الصورة الخارجية .
وان هناك مجموعة تتحكم بمقدرات الناس لا تختلف عن تلك التي تتلاعب بمقدراتهم فيالجنوب .
سرقات وفساد وحكم العوائل كانت مشتركات المتسلطين ، والقهر والفقر والموت كانتمشتركات المتظاهرين .
لقد افرزت تجربة الحكم في العراق بعد سبعة عشر عاماً طبقة سياسية فاسدة حدالنخاع ، لا تهتم الا بمصالحها وامتيازاتها، لقد اضاعت هذه الطبقة سنين طويلة منالمعارضة لتثبت للعالم بانها كانت تلهث وراء السلطة وليس الوطن .
لقد كشفت تظاهرات السليمانية زيف المتسلطين في اربيل وعرتهم واسقطت شعاراتهم ،بالحرية والديمقراطية والتمدن.
لقد حاولت اربيل ان تقدم صورة زاهية للعالم ، تختلف عن تلك التي قدمها الفاسدونالشيعة في الجنوب ، لكنها فشلت، فهم في الهوى سوا ، وكانت دماء من سقطوا فيحلبچة و سيد صادق وجمجمال وبقية البلدات والقرى في السليمانية قد فضحتهم كمافضحت دماء الشباب الذين سقطوا في التحرير والنجف والناصرية وكربلاء والحلة زيف
الاحزاب الشيعية .
لا الذين رفعوا شعار الدفاع عن الكرد صدقوا ولا الذين رفعوا شعار الدفاع عن الشيعةصدقوا .
لقد كانت الخديعة نائمة في صدور هم ، ايقضها الشباب الذين تظاهروا مطالبين بالحقواسقطوا الاقنعة عن وجوههم .
ان اهم الدروس التي نستخلصها مما حدث ويحدث في كل المحافظات العراقية هي ، انالانسانية اقوى من الطائفية والقومية والمناطقية وان الوطن هو الخيمة الكبرى التيتضم الجميع ، وهو ملك ابنائه وخيراته يجب ان تكون لهم وليس للمتسلطين وان الحقربما ينهزم زمانا لكنه سينتصر .