عامر سليمان
مركز دراسات الراصد
بغداد

الحالة التي انتهى اليها التحالف التآمري من قبل مجموعة من النواب السنة الذين ارادوا ضرب المنظومة السياسية الحالية واستهداف رئيس مجلس النواب السيد محمد الحلبوسي تحديدا ، تركت تداعيات واثارا ابعد من فشل مجموعة محبطة وجدت نفسها خارج القرار الوطني والقبول الشعبي لتحيك في الظلام دسيسة مفاجئة تريد الاطاحة باحد ابناء المنطقة الذي اثبت نجاحا بارزا في عمله الوظيفي ودوره السياسي . فقد كانت العملية الفاشلة برمتها بمثابة تصويت مبكّر على قوة الحلبوسي ومتانة وجوده كفاعل سياسي عراقي اولا وسني ثانيا حسب التصنيف السياسي العراقي ، تصويت لصالحه ليس على الصعيد العراقي فقط بل ان ما شهده هذا الحدث من تغطية عربية دفعت الى تسليط الضوء على الرجل، والبحث في خلفيات اعضاء المجموعة التي القت بثقلها ورموزها وكتلها كافة لانجاح مايمكن تسميته بالمؤامرة ، وهم 35 نائبا من جبهة الإنقاذ والتنمية برئاسة أسامة النجيفي، و الحزب الإسلامي العراقي برئاسة رشيد العزاوي، ونواب من المشروع العربي برئاسة خميس الخنجر، و كتلة الجماهير برئاسة أحمد ابو مازن، و الكتلة العراقية المستقلة، بمعنى ان هؤلاء استبقوا الانتخابات بدعاية فاشلة لمشروعهم ازاء مشروع الحلبوسي وتفكك نوابهم بعد ان اصدروا منفردين بيانات بصيغة اعتذار مبطن عما جرى كما فعل النائب مقداد الجميلي الذي نفى توقيعه على إقالة الحلبوسي، واصدر بيانا مطولا جاء فيه :في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها بلدنا العزيز من أزمات كثيرة ومتعاقبة تحتاج منا جميعا التكاتف ونبذ الخلافات الشخصية وتقديم مصلحة البلد أولًا وجعلها العليا في منظار العمل السياسي والتفكير الصحيح بإيجاد الحلول الجذرية التي تُخرجْ البلد من عنق الزجاجة وإرساء سفينة العراق الى بر الأمان مشيرا الى ترجيح مصلحة البلد وجراحات أهلهٌ فوق كل الاعتبارات . وهو مايعد انسحابا وقفزا من سفينة غارقة اخطا ملاحوها الهدف والتوقيت . فالحلبوسي الذي وصفته الصحافة العربية بالسياسي السنّي الشاب، واسمته بالزعيم مشيرة الى نجاحه في تكوين تحالف جديد لللانتخابات المقبلة فضلا عن نجاحه في ادارة دفة السلطة التشريعية التي شهدت تجاذبا شديدا بين المكونات العراقية ومشاكل واحداثا جسام وقوانين مختلف عليها تمكن الحلبوسي من ادارتها بحنكة لم يتمتع بها أي من المسؤولين السنة الذين تبوأوا هذا المنصب من قبل. كذلك كشفت هذه الحركة الفاشلة مستويين من الاداء السياسي امام الجمهور ، الاول : أن هؤلاء الذين اجتمعوا في الظلام بامكانهم تقديم أي نوع من التنازل من اجل اهدافهم حتى لو تطلب الامر التوسل الى خصومهم من اجل الوصول الى مبتغاهم ، وذلك ما يفقد القاعدة الشعبية في مناطقهم الثقة بدورهم السياسي المقبل . والمستوى الاخر هو الانتباه والتذكير بخلفيات هؤلاء الذين تستروا على فساد بالوثائق اثناء تسلمهم المسؤوليات ومنها وثائق المصروفات والاحتفاظ بعجلات الدولة والاموال المصروفة خارج الصلاحيات الاعتيادية . وهو ايضا استفتاء مبكر قبل الانتخابات المقبلة ، اما المستوى الاخير الذي يؤسف له فعلا هو ان هؤلاء لم يبالوا بالقضايا الملحة لابناء مناطقهم ولا بالاحداث الجارية في البلاد عموما فراحوا يضربون الاجماع العراقي لاحتواء تلك المشاكل خاصة في وقت تبنى الحلبوسي شخصيا اهم المطالب السنية ضمن اولوياته وهي موضوع النازحين والمغيبين والتوازن الوطني في المؤسسات الامنية . وهي مطالب شغلت اهالي المناطق السنية كثيرا ولذلك واجه هؤلاء ردة فعل جماهيرية عنيفة بعد ان اكتشف الجميع ان هؤلاء لا يتعاملون مع الحياة السياسية الا بكونها سوقا للمصالح وتجمعات معادية للمخلصين باعتراف نواب من المجموعة ذكرت اسماؤهم لكنهم نفوا حتى وجودهم في المجموعة مثل النائبة مها الجنابي، التي اكدت أنها لا تنتمي لأي مشروع جديد، وأنها لن توقع على إقالة الحلبوسي من منصبه داعية الى الابتعاد عن التجاذبات الشخصية وتصفية الحسابات في الوقت الحاضر كون البلد يمرُّ بظروف صعبة ويحتاج لاستقرار مؤسساته التشريعية والتنفيذية لمواجهة التحديات التي تمرُّ بها البلاد، ولتمكينها من إنجاز التزاماتها في تهيئة الانتخابات المبكرة على حد تعبيرها.. والامر ذاته حدث مع النائبة عائشة المساري، التي عبرت عن شجبها محاولات تغيير الحلبوسي، مشيرة إلى تضامنها مع الجهود الرامية إلى رأب الصدع والعمل من اجل الاستقرار السياسي.
وقالت إنه من موقعي في مجلس النواب وكممثلة عن الشعب العراقي بشكل عام وأهلي في العاصمة بغداد والمحافظات المحررة، نؤكد تضامننا مع كل الجهود الرامية لرأب الصدع ووحدة الكلمة والموقف، وهذا ما كانت عليه مواقفنا منذ البدء والتي تمثلت برفضنا التوقيع على محاولات تغيير رئيس البرلمان.
ورغم الردود الخجولة التي صدرت من التجمع المدحور والتي حاولت توظيف فقرات في الدستور واستدراج نواب اخرين لدعم ما اسموه بالاصلاح والتغيير ، الا ان الملف فشل باكمله ، بل ترك اثرا مؤسفا في الواقع السني والواقع العراقي عموما كنموذج للابتزاز والتوظيف السيء لاساليب التنافس السياسي الذي فشل امام صخرة تقدم الحلبوسي فشلا ذريعا واعطى انطباعا للناس جميعا من هم قادتهم المقبلين المخلصين ومن هم قفاصة الفرص السياسية التي تحطمت سفينة مؤامراتهم قبل ان تتحرك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *