تحتفل مجلة العربي الكويتية  هذا الشهر بعيدها الماسي، فقد بدأت مسيرتها قبل 60 عاما، وهي مسيرة طويلة لخصها للجزيرة نت رئيس تحريرها الحالي الدكتور عادل العبد الجادر، إذ عاد بالذاكرة إلى عام 1957 عندما تكونت لدى ثلة من الخريجين الكويتيين من الجامعات المصرية فكرة إنشاء مجلة تعنى بالثقافة العربية.

حمل هؤلاء الشباب فكرتهم وأفرغوا ما في جعبتهم على طاولة مدير دائرة المطبوعات والنشر آنذاك أمير الكويت الحالي الشيخ صباح الاحم\، فسارع بنقلها إلى أمير الكويت في ذلك الوقت الشيخ  عبد الله السالم الصباح ، الذي ما لبث أن وافق عليها مباشرة وأمر بتشكيل لجنة لترجمتها على أرض الواقع.

اختير الراحل أحمد السقاف رئيسا للجنة، وما إن تسلّم مهامه حتى بدأ رحلة البحث عن رئيس تحرير للمجلة لتقوده رحلته إلى العراق ولبنان وسوريا ومن ثم إلى  مصر ، وفيها التقى بأبرز مثقفيها، فكانوا جميعا يرددون على مسامعه اسم الدكتور أحمد زكي عالم الكيمياء المصري ذي الميول الأدبية والثقافية.

ولأن بيئة الكويت كانت غير جاذبة في ذلك الوقت بحرّها الشديد صيفا وبرودتها شتاء، فقد كان على السقاف أن يبذل جهدا مضاعفا لإقناع زكي بالانتقال إلى الكويت لرئاسة تحرير المجلة، وبعد مدّ وجزر اتفق الطرفان، لكن زكي اشترط أن يزور الكويت أولا للوقوف على الوضع عن كثب قبل اتخاذ قرار بقبول المهمة أو رفضها.

وبعد اجتماعه بشريحة من المثقفين الكويتيين، وافق الدكتور زكي على رئاسة تحرير المجلة، وجرى إصدار العدد الأول منها في ديسمبر/كانون الأول 1958 لتكون بمثابة “هدية الكويت لكل العرب”، وهو شعار المجلة التي ما زالت ترفعه حتى اليوم.

ولأن الدكتور زكي كانت تربطه علاقات جيدة بكثير من المثقفين في العالم العربي، فقد ازدانت صفحات المجلة بكتابات الأدباء والشعراء العرب من كل حدب وصوب، ومن بينهم طه حسين و عباس محمود العقاد  ومحمد أبو زهرة  ونزار قباني  الذي نشرت له المجلة في عام 1958 قصيدته “كلمات” التي غنتها لاحقا المطربة اللبنانية ماجدة الرومي.

أحمد زكي ظل رئيسا لتحرير مجلة العربي منذ بداية صدورها وحتى منتصف سبعينات القرن الماضي (الجزيرة)

وإلى جانب تلك الباقة من المثقفين العرب، فقد كان لشيوخ الأزهر آنذاك زوايا متعددة في المجلة، لتجذب موادها المنتقاة بعناية وحرص إعجاب كل القراء العرب، وتدخل عقولهم قبل بيوتهم من أوسع الأبواب، بعد أن نجحت في طرح صيغة جديدة لمعنى المجلة الثقافية.

بعد انتهاء حقبة زكي، سار الكاتب المصري أحمد بهاء الدين على نهج سلفه عندما تسلّم رئاسة تحرير المجلة عام 1976، الذي استقطب كبار مثقفي العالم العربي وعلماءه، إلى جانب أنه استمال كثيرا من المدرسين في جامعة الكويت التي تأسست عام 1966 ليكتبوا في المجلة.

ساعدت رمزية ثمن المجلة التي تموّلها وزارة الإعلام الكويتية في أن تكون في متناول المواطن العربي الغني والفقير على حد سواء، فلم يكن الربح المادي هدفا لإنشائها، وإنما نشر الثقافة والنهج القومي والفكر والأدب والفن.

By Miimo

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *