الشهر: أغسطس 2020

قصة (المعلم) … مصطفى الضبع

مصطفي ضبع/ كاتب من مصر   بشوش الوجه هو رغم علامات الزمن على وجهه وعينيه التي يكاد يستطيع فتحهما , لا تخطئه العين بمشيته البطيئة الصعبة وقفشاته النادرة ولهجته القاهرية المميزة , كان يجلس في ظل الحائط المبني من الطوب اللبن حتى تلاحقه الشمس يراوغها للداخل كما يراوغ السنين لكن في زيارتي الأخيرة وجدت الشمس قد داهمته وهو يشير إلي كي أساعده لم يستطيع الوقوف بمفرده , أيقنت وقتها أن الزمن  دائما يفعل بنا فعلته , عم عرفه يعرفه الجميع بعزة نفسه ومفرداته الخاصة .وتاريخ طويل هضمه ولم يعد يجتره كثيرا إلا لمن يحب . حكايات وحكايات كنت أغوص فيها معه ، نحيت عني بضاعته التي يقتات منها وجلست كتلميذ يجثو على ركبتيه أمام معلمه .أشار بيده كأنما يفتح الستار , رأيته عندما كان يحارب  .لكن لم يكن  يدري من يحارب ولماذا ..؟؟ !!! أبكاني  عندما أراني كيف قفز داخل خندق فوجد تحت قدميه كومة من أشلاء جثث فأصابته لوثه . تجولت معه في قاهرة الماضي البعيد .الحسينية .الجمالية .الدرب الأحمر أراني الفتوات والحرافيش .تماما كما رأيت في التلفاز . قلت له :يا معلم هل أنت معلم حقيقي  ” ولا عيرة ” ضحك ضحكة أعادتني إلى زمن الحرافيش ثم قال : “الدنيا أكبر مدرسه والزمن أحسن معلم ”…