كتب : د. باقر الكرباسي
لم تكن تربية ذلك الزمان مثلها الأن، الأساتذة يختلفون وكذلك الطلبة، كنا ننتظر درسهم بشغف كي نتعلم منهم، لم يبخلوا علينا ابدا بأية معلومة نحتاجها، انهم جيل تفان واخلاص ومحبة وطيبة، هؤلاء هم تدريسيو ذلك الزمان، والذكريات حافلة بوجوه كثيرة من أولئك الأساتذة والأفكار التي زرعوها فينا، وبرغم مرور مايقارب النصف قرن الا ان بعض الوجوه مازال رسمها ماثلا في الذاكرة، من هؤلاء استاذي السيد حامد المؤمن (رحمه الله)، الاديب الموسوعي واللغوي الحاذق والمحقق الثبت والمدرس الناجح، كان يشجعنا على قراءة الكتب من قصص وروايات وشعر ويرغمنا على كتابة ملخص لما قراناه بعد الحاحه على الاستعارة من المكتبة المدرسية، وما اذكره منه انه كان يلقي علينا محاضرته بصوته الهادئ الرصين، كان (رحمه الله) ملما بمادته العلمية ويملك حافظة عجيبة للشعر ومعرفة موسوعية للكتب النحوية واللغوية والأدبية وأسماء مؤلفيها وسني وفاتهم، كان سليم القلب لم يحمل حقدا او كراهية لاحد، وكان صديقا وفيا لوالدى الشيخ الكرباسي (رحمه الله) يزوره دائما والمسائل النحوية زادهما، يبدأ النقاش هادئا ثم يحتدم بينهما ويخفت شيئا فشيئا ثم ينتهي بالنكتة والسلام، كان استاذي المؤمن متواضعا جدا لم يعرف التعالي في حياته، دمث الخلق وديعا هادئ الصوت، لك الرحمة الأبدية استاذي حامد المؤمن.