عبد الحميد الصائح
اذا كان لنا ان نضع عنوانا لحوار السيد رئيس مجلس النواب على قناة سكاي نيوز ، فيمكن اختصار ماقاله بالمستقبل ، والسبب ان جميع الاحاديث السياسية العراقية من عام الفين وثلاثة حتى اليوم تجترّ الماضي، وتعقّب على الاحداث وتجزّىْ المجزّأ ، بحيث اصبح المستقبل هو الجانب الوحيد الغامض في حياتنا ، وكما علق احدُ السياسيين في حوار أجريته معه عام 2010 ، عن خطط الحكومة المقبلة فيما لو تشكلت ، قال : والله احنه الان نفكر يوم بيومه !! بمعنى أن ثقل المشاكل السياسية والخلافات البينية بين الفرقاء اصاب الكثير بالعمى عن رؤية القادم . حديث الاستاذ الحلبوسي لقناة عربية واسعة الانتشار يقدم صورة عن العراق الواحد ، عن الامل في انجاز ملفات عالقة ، عن انتاج سياسة جديدة بدماء جديدة وروح جديدة مستفيدة من جميع المشاكل والمعوقات والانجازات ايضا ، وابرزها مكافحة الارهاب والانتصار عليه ، وبلغة واثقة وباسم العراق كله شرح الحلبوسي كيف ان صفحة الارهاب انطوت الى الابد ، وان اي مفصل مفاصل الحياة العراقية لم يعد ان يستوعب سيطرة الارهاب على الارض ، بل لم يعد يستوعب السلوك الارهابي الذي يشل الدولة . فبين السياسة العامة للبلد والوضع الشخصي أوصل الحلبوسي رسالة بان العراق يتجه للمستقبل بخطى واثقة رغم كل التحديات التي يواجهها ، وان ادارة مجلس النواب الجديدة كانت بمثابة شاقول التوازن في سياسة متعددة تشهد الكثير من التنافس والانقسام . بل ان المراقب يستنتج ويتساءل عن جراة الرجل في طرحه مبدا الانتخابات المبكرة والابكر مما حددته الحكومة رغم ان اجراءها المبكر يؤدي الى حل المجلس وانهاء ولايته له ، هذه خطوة واثقة من ان المستقبل السياسي لن يتجاوز شباب العملية السياسية التي انتهى عهد الحرس القديم فيها وهي تتجه الى التغيير رغم المصاعب .
لقد انتهى اليوم عهد الالتفاف السياسي والتواطؤ الذي شهدته العلاقات السياسية طيلة الفترة الماضية ، فمازال الشارع العراقي كله وبدليل الوعي الذي انتجته انتفاضة تشرين يتحقق من كل خطوة ومن اي شخص ويدقق في سيرته وعمله ومؤشرات نجاحه على الصعد المختلفة . ولابد من لغة المستقبل التي تحدث بها الرئيس الحلبوسي ان تكون سائدة داعمة لكل جهد اصلاحي ، بل ان النوايا المقبلة اذا لم تكن عابرة للطائفية والمحاصصة وتعتمد الخبرة والنجاح لمن هم في السلطة وهم قلة وعلى جيل جديد سيدخل الحياة السياسية بوعي وثقة وشجاعة .حتى الحديث عن المكونات وعن الخصوم يتطلب لغة مختلفة لان ماساد سابقا كان لغة الاتهام والتسقيط او مانسميه بموقف اللارجعة وهو من الاخطاء التي ارتكبت وفتحت ثغرات بين الكتل بل بين المكونات ذاتها بفعل الحث والتحريض الذي تقوده منظومة لاتريد للدولة ان تنجح لان النجاح بحد ذاته يقلل الفوضى وهناك من يجد في الفوضى بيئة صالحة لتمدده وسلطته.
احيي شجاعة السيد الحلبوسي على اللغة الصريحة المخلصة واتمنى ان يكون ذلك منهجا لجميع السياسيين في الخروج من لغة الكراهية والمبالغة والعداء والياس التي سادت حياتنا السياسية وبلادنا عموما .