كتب : يحيى حرب

1- يبدو ان ما شهدته العاصمة اللبنانية هو ردة الفعل الغاضبة على زيارة الرئيس الفرنسي الاخيرة الى لبنان والمواقف الصادرة عنه واللقاءات التي عقدها مع الجهات الرسمية وقادة الاحزاب اللبنانية.

2- المعلومات المسربة من الاجتماعات التي عقدها ماكرون والمواقف التي اعلنها رسمت صورة واضحة لما يريده الرئيس الفرنسي، وهي صورة همشت القوات اللبنانية وحلفاءها، وكشفت عن ميل غربي للامساك بالملف اللبناني ووقف حالة الانزلاق الى قعر الهاوية، كما حذر ماكرون.

3- زيارة ماكرون حددت معالم التسوية التي يريدها الغرب والقوى التي يريد التعامل معها في الداخل اللبناني، كما في المنطقة، والتي يأتي على رأسها حزب الله باعتبارها الطرف الاخر في المعادلة اللبنانية، بما يعيد حالة الستاتيكو او المساكنة بين قوة المقاومة وهوية لبنان الاقتصادية والثقافية.

4- الرئيس الفرنسي تجاهل تماما رئيسي حزب القوات والكتائب سواء في الرد على اطروحاتهما المتطرفة والتصعيدية او في التعامل المباشر معهما خلال وبعد الاجتماع مع القوى السياسية. وفوق ذلك جاء لقاؤه الانفرادي الوحيد مع الحاج محمد رعد ليفجر غضب وحنق الثنائي جعجع-الجميل.

5- اسقط بيد قائد فرق الموت وقوات الصدم القواتية وهو يستشعر ان الموقف الفرنسي يحظى بالدعم الاميركي، الذي لاسباب اخرى اقليمية وداخلية اميركية قرر تجميد الحريق اللبناني، وهو يعلم ان البيت الابيض قادر على لجم الهوس الاسرائيلي والسعودي، اذا ما قرر ذلك.

6- لم يعد بيد جعجع الا قواته المدربة على القتل والحرق واشاعة الفتن المذهبية.. فاشتعلت بيروت وخرج الاعلام اليميني عن عقلانيته المصطنعة ومظهره الانيق. وعاد الجميع الى اصولهم الداعشية الاجرامية والاستعداد لتفجير البلاد وجرها الى الحرب الاهلية. وصار الوقت ليخرج مارسيل غانم بصورة عبد الله المحيسني.

7- اخرج جعجع كل اجهزته الامنية وميليشياته اليمينية واستنفر الته الاعلامية الحاقدة، فبدا المشهد وكأننا في العام 76 او ابان الصدامات مع الجيش اللبناني وما عرف بحرب الالغاء التي دمرت المنطقة الشرقية. ولم يتوان الميليشياوي الاصيل بتحريك ضباط الجيش المتقاعدين ضد رفاقهم في الخدمة الفعلية.

8- الخيبة كانت بانتظار زعيم ميليشيا القوات او ما تبقى منها، اذ لم يلق اي تعاطف داخلي او خارجي لانتفاضته الدموية. والكل يعلم ان الاصوات السعودية الداعية للتوتير والقتل لا تملك القرار السياسي في الحدث اللبناني ولا تتعدى التحريض والتعبير الغرائزي عن احقاد يصعب ترجمتها الا في مشروع اميركي.

9- الصورة السوداوية التي غلفت تفكير جعجع وشعوره بالعزلة والتهميش وفشل مشروعه السياسية دفعته الى التطرف ومحاولة قلب الطاولة بالعنف في شوارع بيروت والمتاجرة مرة اخرى بالدم المسيحي. فخاض معركته الاخيرة مع خصمه اللدود الوطني الحر، عبر احراق رمزي وتخريب لوزارتي الخارجية والطاقة.

10- انظر اليه كيف خرج يتبختر مبتسما في شوارع الاشرفية التي ضربها انفجار 4 آب، محاولا تعويم زعامته على حساب الدم المسيحي باعتباره حاميا للمسيحيين كما كان يفعل ايان الحرب الاهلية. وقد صدمه في العمق صراخ تلك السيدة في وجهه وهي تدعوه الى الخروج وتتهمه بالارهاب.

11- جعجع يبحث عن مقعد مريح على طاولة الحوار المقبلة لرسم معالم النظام الجديد. فالمجتمع الدولي عاد ليتصالح مع الرئيس عون وفريقه المسيحي. وحزب الله طرف اصيل بما يملكه من قوة وحضور شعبي واسع بالتحالف مع امل، والحريري لا يمكن تجاوزه وهو يحظى بالحماية الفرنسية ومعه جنبلاط اللعوب.

12- فماذا يبقى لجعجع الحالم الكبير والمقامر الاكبر؟ الشارع والعنف الدموي.. والضغط لخلط الاوراق السياسية.. واستخدام كل رصيده الارهابي الذي تجلى بقتل توفيق الدويهي من عناصر قوى الامن الداخلي بطريقة مأساوية بشعة.. جعجع يحسن موقعه على طاولة الحوار: انه الاسلوب التقليدي لزعماء المافيات والميليشيات الارهابية.

By Miimo

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *