جواد كاظم الخالصي

الواقع السياسي والاجتماعي في لبنان تحيط به الكثير من الملفات الملغومة التي بقيت لسنين طويلة تعيش الحذر منذ اتفاق الطائف بداية تسعينيات القرن الماضي على طريقة الشد والجذب بين الفرقاء السياسيين وانتماءاتهم الطائفية والقومية، شخصيا عشت تجلياتها في السنوات الاولى بعد نهاية الحرب الاهلية ولربما كانت باكورة عمل حكومة اتفاق الطائف سيئة للغاية عندما اصطدمت وزارة الراحل رفيق الحريري بتظاهرة شعبية واسعة في الضاحية الجنوبية من بيروت عام 1993 ضمت في حركتها مشاركين من جميع مكونات الشعب اللبناني احتجاجا على اتفاقية اوسلو المذلة التي ابرمها ياسر عرفات مع الصهاينة في حضرة الراعي الامريكي وكنت حينها احد المشاركين في تلك التظاهرة السلمية التي راح ضحيتها سبعة من الشباب واثنين من الشابات التي سقطت احداهن صريعة بالقرب مني برصاصة بندقية العسكر الذي وقف ضد التظاهرة بجانب طريق المطار ، وهنا كان التحدي الكبير في المواقف خصوصا وان اسرائيل تلعب على تداخل الملفات ، ولذلك اقول ان هذا الرماد لازال يغطي الجزء الاكبر من الفتنة والخوف من تطايره بسبب ريح عاتية قادمة من خارج الحدود حيث لم يمضي على الحدث الزلزال لتفجير مرفأ بيروت سوى يوم واحد حتى انبرت القنوات الاعلامية العربية وهي ترمي التهم بشكل مباشر على طرف حزب الله مثلا ومن يتحالف معه من القوى اللبنانية دون توخي الدقة المهنية في الاعلام وهو ما يدل على عقدة هؤلاء وكذلك بعض المجموعات التي حرقت عدد من المؤسسات الحكومية لاسقاطات يحملها بعض اللاعبين الدوليين من خارج الحدود مستغلين بعض البيادق الشطرنجية في دول المنطقة .
حذاري من الفتنة ايها اللبنانيون الشرفاء ، أنتم صمدتم امام كل المحن والمصائب وخرجتم اقوياء لقد عشت شخصيا سنين طويلة بينكم فتلمست فيكم ذلك الاصرار على الحياة، كل الاصوات الواصلة اليكم من خارج الحدود تحملها غرباناً سوداء فلا تلتفتوا اليها وانا متقين من فطنتكم وعمق فهمكم لما يدور حولكم وما يتم التخطيط له ، بالتاكيد انا أؤيد خطواتكم في مواجهة الفساد لأنه آفة كبيرة تلتهم اموالكم حيث نرى ان مجموعة من الرؤوس الاقتصادية تبتلع قُوتَكم اليومي عبر واجهات سياسية وعوائل استحوذت على القرار الاقتصادي اللبناني بدأ ذلك منذ اتفاق الطائف وحتى يومنا هذا ، فلا تتنازلوا عن الشرفاء الذين اختلطت دمائهم بتراب السواتر دفاعاً عن ارض لبنان وبكل اطيافهم واعتقاداتهم لان الدماء اختلطت من جميع المكونات دفاعا عن بلد جميل هو لبنان وعاصمة هي درّة وعروسة الشرق الاوسط ومدللتها في أعماق القلوب…
أما الحديث عن التحول من اتفاق الطائف الى اتفاق باريس فهذه فيها صعوبات كثيرة جدا لان الدخول للطائف كان صعبا للغاية وامرا واقعا فرضته الظروف في وقتها التي يبدو انها تحاول الانفلات كلما طفت مشكلة على السطح.
حمى الله لبنان واللبنانيين جميعا بكل مكوناتهم وتوجهاتهم وأن تعود كما كانت دُرّة الشرق الاوسط.

By Miimo

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *