عبد الحميد الصائح

 

كتب : د. عبد الحميد الصائح
اينما يكون العراقي توجد فِلّذةٌ من بلاده تنبض في المكان الذي هو فيه ، ولذلك لم تستطع المنافي كلها ان تغير في العراقي شيئاً ، لم تستطع أن تمتص حزنه ، او تكسر لسانه أو تغريه باماكن تفوق في معمارها وعراقتها وجمالها ما في بغداد والمحافظات المتداعية المهملة المتعبة .
وحين يموت العراقي ، حزينا في بلده او مختنقا خارجها ، فان جثته تصبح مساحة من تراب العراق أينما دفنت، هذه الصور تتداعى مع رحيل أحمد راضي اسطورة العراق ومدلل شعبه، الفتى الذي انفرط بلمح البصر ، عائدا من عائلته الصغيرة الى بلاده ، او عائدا الى عائلته من بلاده ، فقد اخلتط الأمر ، هل مات احمد غريبا في وطنه ، أم أنه مات مهاجراً عائدا اليه في زيارة خاطفة . كيف تحتمل هذه العائلة الآمنة والاخوة والارحام هذا المصاب الجلل وهم بانتظار عودته ، ليبلغهم بأنه لن يعود الى الابد ! وكيف ترنو عيونهم الى قبره في منطقة الكرخ البعيدة كثيرا من عمان الاردن مقر بناته واخوته واولاده والسيدة المفجوعة زوجته.
هذه المتاهة من الاسئلة خففتها كثيرا زيارة رئيس مجلس النواب السيد محمد الحلبوسي الى عائلة الفقيد احمد راضي ، فقد كانت زيارة رعوية حكيمة وكأنّ شعب العراق ومعهم روح احمد راضي الذي دفن في بغداد كلهم ذهبوا لعزاء العائلة المكلومة في البلاد الغريبة ، جلسوا هناك في المكان الذي يجلس عنده واستذكروا معهم المسيرة الرياضية المتميزة له، الحافلة بالألقاب والإنجازات الكروية التي رفع بها اسم العراق عاليا، ليتوج عزاءه لاهله بالقول : برحيل أسطورة الكرة العراقية؛ فقدت البلاد قامة رياضية، فقد كان الراحل مثالاً في التميز خلقاً وأداءً.
زيارة الحلبوسي الغت المسافة بين بغداد وعمّان ، المسافة بين ضريح الفقيد هنا واولاده هناك ،وهم يستقبلون دموع العراق معزياً ومحييا هذه المبادرة اللافتة التي يستحقها احمد راضي من رئيس البرلمان في بلاده التي لن تنساه.

By Miimo

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *