محمد ناصر
من بين اهم اسباب هذا الفراق والتجافي بين ممثلي العملية السياسية وابناء الشعب في العراق هي الاساليب التي انتهجتها الاحزاب والكيانات والتحالفات الممثلة في قبة البرلمان وفي السلطة التنفيذية والقضائية فتجربة ادارة الدولة التي مضى عليها اكثر من ستة عشر عاما افرزت مظاهر وتقاليد فجة لاتنتمي الى روح الديمقراطية والتعددية ولم تاخذ من النهج الديمقراطي سوى المسميات والقشور وغاب عنها مضمون وجوهر روح الديمقراطية وانعكست الممارسات الحزبية المقيتة على اداء وسلوك ممثلي الاحزاب ، وباتت تجربة مشاركة الاحزاب في ادارة الدولة تجربة فاشلة وسيئة مقارنة بالتعددية الملكية والتعددية في الجمهورية العراقية الاولى اللتان كانتا تجربتين ثريتين ولربما ساهمت الممارسات المشوهة لكيانات واحزاب سلطوية في اكثر من حكومة عراقية بعد 2003 في جلب السمعة السيئة لاحزاب اخرى ارادت تقديم العون للشعب العراقي بنوايا صادقة ولم يترك عتاة الميليشيات وحيتان الفساد الذين خرجوا من المحاصصة الحزبية سيئة الصيت الفرصة لتصحيح اخطاء التعددية الحزبية في العراق بشكل افقد الشعب العراقي الثقة بالنظام السياسي الحالي برمته وقادتنا هذه القطيعة وهذا التجافي الى الشلل والتازيم في كثير من مفاصل الدولة واصبحت مؤسسات حكومية عاجزة عن كسب ثقة الشارع العراقي خاصة حينما تكون هناك ملفات وبرامج تتعلق بخلق راي عام في قضايا داخلية وخارجية وبات من الصعب صنع تفاعل حقيقي وحيوي بين السلطة والشعب في قضايا خلافية واذا اردنا اعادة احياء هذا التفاعل فلابد لنا من مراجعة صادقة للاداء الحكومي واعادة النظر بآليات ترشيح الاشخاص للعناوين والمناصب الرسمية بشكل لايسمح بمرور شخصيات فاشلة غير كفؤة اساءت للشعب وتعاملت مع المناصب على اِنها ملك صرف للحزب والقومية والمذهب كما ان هناك مسؤولين اخرين افرغوا المعاني القيمة للمسؤولية من محتواها حينما حولوا مناصبهم الى منابر شخصية وعشائرية وحزبية ومنحوا لانفسهم الحق بالتسلط على حياة الناس والتحكم بحاضرهم ومستقبلهم وفرض ثقافتهم على الجمهور وقد آن الاوان لابعاد مثل هؤلاء عن المشهد السياسي العراقي ونبذ افعالهم وممارساتهم وفضح هذا النهج المقيت في وسائل الاعلام وامام الراي العام العراقي من دون خوف او تردد ، في ظل هذه المعطيات التي تشهدها الساحة السياسية بعد مظاهرات تشرين وما افرزته من نتائج على الساحة السياسية العراقية منها استقالة حكومة عبد المهدي والتوافق على حكومة الكاظمي اصبحت الكتل السياسية بحاجة الى تعميق سياسة الانفتاح كواحدة من اهم متبنيات الحكومة والبرلمان تجاه الوطن والشعب وهذا المبدا يمهد للشراكة الوطنية الصحيحة والحقيقية التي تجعل المواطن العراقي في كل محافظات العراق يشعر بالوطنية والانتماء الحقيقي لهذا البلد العظيم والمسؤولية في اداء مهامهِ الوطنية ، وفي ظل هذا الظرف السياسي التي يمر به العراق بات لزاما على الاحزاب السياسية اذا ارادت ان تُنجح هذه الحكومة وتتجه نحو رفاهية الشعب وتحقيق مستقبل زاهر للبلاد عليها ان تترك الحكومة وبرنامجها المرسوم لرعاية مصالح العراق الخارجية والداخلية والتخلي عن تقاسم المصالح فيما بينها كانها المتولي الشرعي لهذا الشعب والا فهذه الفرصة الاخيرة لحل مشاكل الشعب والنهوض بهِ الى بر الامان .
محمد
ناصر