براءة العزاوي

كتبت : براءة العزاوي

إن زيادة عنصر الحديد في الدم يؤدي إلى مشاكل صحية من ضمنها الإعياء ، وفشل القلب
لذا ينصح الأطباء .. احذروا الإفراط في الحديد!
ولكن هذه ليست المشكلة
أعني مشكلتنا نحن !
إننا نعاني مؤخراً من الإفراط في الثقافة ، لربما إن زيادتها شأنها شأن الحديد تُصيبنا بالأعياء و مرض القلب.

يورد أستاذ الأنثروبولوجيا آدم كوبر في كتابه الثقافة: التفسير الانثروبولوجي:
يفهم الكثير من الناس الثقافة على أنها الأدب الرفيع والفنون التي يتمتع بتقديرها وتذوقها قلة من “النخبة” التي تحسب في المجتمع أنها مثقفة. بعض النقاد من أمثال بيير بورديو يعتبر الثقافة وفق هذا المستوى من الفهم حيلة من حيل الطبقية، إذ إن تقييم الأعمال الفنية والأدبية لا يقدر عليه إلا الصفوة وهذه القدرة بحد ذاتها تعد امتيازًا.

هنا المشكلة! أننا شعوبٌ مصابون بداء النخبة ، ننتخب باستمرار من نراهم “نخبة”
نترصد ” النخبة ” لكي نجادلهم ونحاججهم ونتراشق معهم في نهاية الأمر بدلاً من أن نتوافق .
نكتب النخبة بالخط العريض بلون أسود قامت في الصحف والكتب وعلى مواقع التواصل الاجتماعي لنميّزه عن باقِ الكلام ، ليصبح العنوان دون مضمون
لأننا نعلم بأننا نكتب لنخبة لا تقرأ بإدراك بل بسطحية العناوين فقط .

النخبة من السياسين ، الأدباء ، الفنانين والعلماء في الفقه والشريعة والمشايخ في الدين أولئك الذين رُفع عنهم الحجاب وجف أمامهم الحبر ورُفعت الأقلام
إنهم الذين يفعلون ما لا يقولون
ويقولون ما لا يعقلون
وهم الذين نتبعهم ونؤلههم ونأمل بهم
أولئك هم المثقفون
وأولئك هم الذي يسرون في دم المجتمع بإفراط كما يسري الحديد في الدم
إن البرلمانَ في أوطاننا كلهُ مثقفون، الوزارات لا يترشح لها إلا المثقفون ، الصحافة لا تعجُّ إلاّ بالمثقفين، سادة الجدال في حقوق المرأة ونزوات الرجال وقضايا الدين والمذهب مثقفون، سادة المرشحون والمفوضون للجلوس على الطاولات المستديرة في المؤتمرات العالمية جميعهم مثقفون.

أيها المثقفون ، إننا نحتاج ثقافة تعني أسلوب حياة ، وليست أوقات محددة يتأجج فيها انفصامكم وشذوذكم العقلي والوطني على الورق وفي المجالس وبين اللحى وعند أولياء الأمر الذين كلهم راعٍ وكلهم غيرُ مسؤولٍ عن رعيته
إننا نطالبكم بثقافة تستمر وتتجدد وتستوعب وتحترم الطرف الآخر والحق الآخر
إننا نطالبكم بثقافة لا تعلو في أصواتكم و إنما ضمائركم

إننا نعاني من ثقافتكم الممجوجة

By Miimo

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *