عبد الحميد الصائح

 

عبد الحميد الصائح

نحن الناسَ البسطاءَ العوام غيرَ المتخصصين بالفقه، الذين لاحق لهم في الجدل أو حتى مجرد السؤال في شؤون الدين، لا ارانا معنيين بما قاله السيد كمال الحيدري. ولا أعرف رغم خبرتي الطويلة في نبش الكتب والحوادث وأنفاق التأويل والتشعب الديني والمذهبي، من الغلو والتقديس المشاعي للاشخاص والروايات، وحتى الطرائف التي يبتكرُها بعضُ باعة الدين المتجولين، الى حكمة التردد والتحكم المنضبط في ما يمكن أن يكونَ مستقيما مع الفطرة التي فطر اللهُ الناسَ عليها، والطبيعة والمنطق الالهي الخالص، مازلتُ اتجنب النقاش كثيراً في أي موضوع لا أجدُ جدوى من الخوض فيه ، فقد استقرتْ الناسُ على عقائدها ورموزِها وتصديقها وعدائها وموالاتها ونهجها، سواء كان منفتحاً اصلاحيا مسالماً وحدوياً لصالح كلّ الدين وكلّ البشر، أو فئوياً شرساً سفّاحا أعمى، لايرى غيرَ مايراه عرّابُه المباشر الذي لايُصغي الاّ لهُ ولايأتمرُ الا بأمرِه، ويتبعُه حتى لو قاده الى جهنّم .
والأشدّ حيطةً من ذلك وتجنباً للمشاكل حين يكون الحوارُ بين المختصين انفسهم، بينَ من يحملونَ مراتبَ عليا في الاجتهاد، وقد قلّبوا ومحّصوا وحدّقوا مليّا بالكتبِ نفسها كمصادرَ لمعلوماتِهم وأسانيد لاجتهاداتهم، فهذه عركة على مستوى رفيع، القاعد فيها خيرٌ من القائم، أيُّ مَيلٍ لطرفٍ منها كفيلٌ بابتلاع الطرفينِ معا لصاحبِه!! دروس ضد دروس، ونصوص تجب نصوصاً ، وحقائقُ في يومٍ تبهتُ في يومٍ آخر ، ونحنُ لا حولَ لنا ولادليل على الحقيقة سوى الله الواحد الأحد الذي خلقَ فسوّى.
نتمسك بذلك ونحن نسمع فاغري الأفواه عن قومٍ يكفّرون قوماً ويهدرون دماءهم، وحين يُكَفّرُ عالِمٌ قضى عمرَه في إعلاء رايةِ أمته مثل السيد فضل الله أو خطيب نحرير مفوّه بليغ مثل الوائلي،أو عن مراجعَ تنطحُ مراجعَ في أكثر من بلد وعلى اكثر من شاشة وصحيفة ، مندهشين لمايجري دون أن نتدخّل في هذا النزاعِ الفوقي الذي لايد لنا عليه ولا رأي لنا فيه .
لكن السؤالَ الصغير الطفوليَ البسيط – اذا سمح لنا به المتخاصمون الكبار وهم ينشرون المقولات والفتاوى والتوصلات الفقهية محل الجدل- مالذي يعنيه أن نبحثَ في الكتب اليوم عن فكرة ما أو اجتهاد ونُخرجُه للعلن، ونستعدي فئة من الناس على فئة وهم اصلا لايقراون هذه المصادر ولم يتنبهوا الى التزاماتها الملتبسة؟ مالذي ينفع حين نُخرِجُ من غياهبِ الفقه زواج القاصرات – كفن الزوجة – تفخيذ الرضيعة – نكاح الوداع، أو الأكثر من ذلك ماقيل عن أنّ الشيعة يكفّرون السنة، او انّ شيعة يكفرون شيعة و سنّة مخالفون للسنّة، وغير ذلك من الإجتهادات التي انتجتها ظروفُ خاصة يوماً ما واثارتْ جدلا ونامت في بطون الكتب، ليحكم الله ذاته وهو علّام الغيوب على من فسّرها وأوّلها وعَملَ بها وأباحَ تطبيقَها، ماهو الهدف من ايقاظها في عصرنا المتوتر هذا ؟.
بفطرتنا البسيطة وحدود عقلنا، لا ثالث لاثنين من المقاصد او المآلات ، اما القول بان ماقام به الداعون الى وحدة الدين مخطئون وجريمتهم ايقاف الحرب بين الفريقين، وإن ما سُفكَ من دمٍ وماقُطِعَ من رؤوس، وترويع لبني البشر كان عدلا وحقا وفضيلة !! أو أنّ ماورد في هذه الكتب من دعوات للاحتراب انما هو لغو وتحشيش ارتكبه مدّعون في حالات شيطانية من ذهاب العقل،
بمعنى
إما النص صح فاقتلوهم، او ان النص تخريف وجنحة، وهذا بدوره يُعدّ كفراً بالثوابت لدى القافلين على ما اريد لهم أو أرادوه من تصديق ورضوخ.
وعليه فانّ مقامَ القول يحتّمُ أن نضيء ما يجعل هذا العالم آمناً ،وبلادَ الله عامرة، وعبادَ الله متساوين تحت مظلة العدالة والرحمة كما اراد ذلك ربهم وخالقهم.وكفى بالله شهيدا.

By Miimo

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *