د. احمد الميالي
بعد تأخير دفع رواتب شهر ايلول المنصرم والتهديد بعدم دفع رواتب شهر تشرين الاول الا بتشريع البرلمان قانون للاقتراض المحلي يتيح للحكومة الاقتراض والاستدانة لغرض دفع الرواتب.
في الحقيقة لايتحمل البرلمان مسؤولية الازمة الاقتصادية والمالية التي لها مسببات عديدة منها انخفاض اسعار النفط وتداعيات وباء كورونا، اضافة الى غياب الحرص من قبل الحكومات المتعاقبة على الثروة وعدم استخدامها بشكل يضيف لها قيمة تنموية اقتصادية بل استخدمت الموازنات للانفاق بشكل مفرط على مشاريع ليس لها جدوى اقتصادية ، ولجأت تلك الحكومات الى سياسات اقتصادية عقيمة وغير انتاجية ورفع اجور العمل ورواتب الموظفين الى مستويات غير مسبوقة مما اوقع الحكومات بالانفاق المسرف دون شفافية.
كما ان السياسات الحكومية تعتمد على الانتاج الريعي واضعاف القطاع الخاص او السيطرة عليه سياسياً .
هذه التراكمات السلبية لاتقع ضمن مسؤولية البرلمان الحالي في انقاذ الوضع المالي وتنشيط وضع الحكومة بل يقع على عاتق الحكومة الحالية اتخاذ قرارات وسياسات حكيمة لادارة الازمة ، مع ذلك عمل البرلمان في هذه الدورة برئاسة *السيد محمد الحلبوسي* على تبني نهج اكثر ترشيدا وتبنى توجهات اصلاحية واضحة في يخص دعم الحكومة بتشريعه قانون للاقتراض قبل اكثر من ثلاث اشهر، وادراجه يوم غد مشروع قانون تمويل العجز المالي للحكومة بما يعزز وضعها الحالي في تأمين النفقات التشغيلية المرتبطة بالرواتب ، اضافة الى ذلك وجه رئيس البرلمان الى الزام الحكومة تقديم ورقة اصلاح اقتصادية عامة واستضاف على ضوء ذلك وزير المالية لمتابعة تلك الورقة بما يعكس وجهة نظر البرلمان بان حل الازمة لاينحصر بالاقتراض وتقنين ذلك بل بالاصلاح والتحسين والرقابة والمتابعة، وهذه اول دورة نيابية تسترجع فاعلية دور البرلمان وحاكميته على الحكومة في حين العكس كان صحيحا في الدورات السابقة.
طرح الحكومة الورقة الاصلاحية المعروفة بالورقة البيضاء تحتاج الى حاضنة برلمانية وسياسية داعمة لانقاذ السياسة الاقتصادية والمالية والنقدية في العراق واخراجه من الادمان على الريع النفطي، عبر توفير بيئة سوسيو اقتصادية نظيفة ومعقلنة تخلق المناخ الملائم والسليم المُهيئ للترتيبات الادارية واللوجستية والقانونية المتكاملة وهذا لن يتحقق مالم تتطابق الرؤية الاصلاحية في المجال الاقتصادي بين السلطة التشريعية والحكومة والعمل وفق روح الفريق الواحد في الاداء بين اجهزة الدولة كافة يدفع نحو تشكيل لحظة ضرورية للاصلاح الاقتصادي في العراق.
هذه اللحظة بدأت تتشكل **بوجود رؤية اصلاحية من قبل رئاسة البرلمان **وتوجه حكومي قانوني لايريد تجاوز البرلمان في دعم وضعه المالي عبر الاقتراض وتقديمه ورقة اصلاح يمكن وصفها بالواقعية والمنطقية اذا ماتم الاتفاق على تطبيقها.