احمد الميالي

د.احمد الميالي
من المعروف والمستقر ان مجتمعات مابعد الصراع تتبعها سياسات بناء السلام واحلال الاستقرار وهذا يكون عبر اطلاق التعويضات للمتضررين داخل هذه المجتمعات وتدشين حملات البناء والاعمار وتنفيذ العديد من الاليات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية .
ففي اعقاب الصراع الذي يطول امده يتطلع ابناء هذه المدن الذين وقعوا ضحايا للعدوان والانتهاكات الى توفير المستلزمات والاحتياجات الضرورية الاساسية من امن وسلامة واسكان وغذاء وماء ورعاية صحية ثم يأملون بعودة مدنهم كما كانت بما يضمن شعورهم بالامن والامل في المستقبل.
لكن هذا لم يحصل في المدن العراقية المحررة من قبضة تنظيم داعش منذ اكثر من ثلاث سنوات اذ لم تطلق اي تعويضات او حملات وطنية لاعادة الاعمار والبناء ولم تنفذ اي سياسات مؤدية الى احلال السلام، فالموصل لازالت مدمرة بالكامل وتحتاج الى جهد وطني ودولي ودعم مستدام لسنوات لاعادة مادمره تنظيم داعش وخلفته معارك التحرير، وحتى الانبار رغم الجهود الذاتية التي عملت عليها المحافظة منذ ان كان محمد الحلبوسي محافظا لها والى الان، في اعادة بناءها واعمارها الا ان ابناء المحافظة المتضررين لهم استحاقاقات في التعويض، والمحافظة بحاجة الى مشاريع كبرى لتطوير البنى التحتية واستكمال ماانجزته المحافظة ذاتيا في هذا السياق.
يحسب لاهالي المدن المحررة في العراق تحملهم الاوضاع الصعبة التي يعيشونها واندماجهم الايجابي في بناء مدنهم ذاتيا وتكاتفهم ووقوفهم مع الدولة ، لان الاساس النظري والعملي في مثل هكذا تلكؤ غير مبرر في تعويض المتضررين واطلاق مشاريع وسياسات احلال السلام والبناء والاعمار هو ايجاد شعور بالعجز وفقدان للكرامة والذل ، الذي يمكن ان يترجم هذا الشعور الى سخط يتحول تدريجيا بالفرد نحو العمل العنيف.
ان التعمد او التهاون في تعطيل ملف اطلاق تعويضات المتضررين واعادة البناء والاعمار اشارة مقلقة للمستقبل تسلط الضوء على امكانية العودة الى الصراع واثارة المزيد من العنف اذ يشكل الانعاش الاقتصادي بارقة امل في انهاء العنف والتذمر، والاسهام في عدم تنفير ابناء هذه المدن للدولة .
ولهذا يقع على عاتق الحكومة الحالية الاسراع باطلاق مشاريع التنمية والاعمار والتعويضات للمتضررين بما يسهم في تحقيق الامن والاستقرار في المدن المحررة بشكل مستدام.

By Miimo

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *